محمد المليجي:
كلام كثير وحوارات تدور بين الناس عن البذور والتقاوي والهجن المحلية والمستوردة. تسمع من الناس حكايات عن مؤامرة للقضاء على اصنافنا المحلية التى كان لها طعم ورائحة غابت عن الهجن الجديدة.
دعونا نفهم بهدوء قصة التقاوي والهجن والاصناف الجديدة.
على المستوي العالمي يزداد عدد البشر مئات الملايين من البشر كل عام وعلى المستوي المحلي نزداد في مصر اكثر من مليون كل عام. كل عام تفتح افواه مليون جدد من البشر تحتاج طعام وعلى علماء الزراعة حول العالم انتاج غذاء يكفي هولاء البشر. في بلادنا نزداد في العدد وتتقلص المساحات الخضراء مهما حاولنا لندرة الماء وتغير الظروف البيئية.
ليس امام علماء الزراعة الا تحسين انتاج الاصناف المتاحة المحلية واستيراد اصناف جديدة من الخارج وقد نجحوا الى حد بعيد.
اسال جدك او والدك كم كان انتاج الفدان من القطن او الارز او الفول او القمح او الذرة زمان وكم هي الآن. ستكتشف ببساطة ان المحاصيل ارتفع انتاجها الى اكثر من ٤٠٪ وهذا مازال لا يكفي حاجة الناس بعد رغم العمل العلمي والبحثي القائم على قدم وساق في محطات التجارب الزراعية حول العالم.
أمر مهم لا يعرفه الناس وهو ان الاصناف النباتية تتدهور ذاتيا مع الزمن ولولا التهجينات والتطوير التكنولوجي لاندثرت تماما. لا يعرف الناس اننا في حرب مستمرة مع الكائنات الممرضة والآفات ولولا حرصنا على انتاج اصناف مقاومة كل عام لما رأينا صنف قطن قائم ولا عود قمح يزرع. لدينا امراض مدمرة كالصدأ والبياض الدقيقي والندوات او اللفحات التى تكتسح الاصناف ولولا زرع جينات مقاومة بها لاختفت من الوجود كبعض اصناف النباتات والاشجار الضخمة التى اختفت بالفعل بسبب الامراض والآفات وضغوط البيئة.
اذا لا هروب من تغيير الأصناف والبحث عن جديد دائما.
الاصناف القديمة او البدائية لم تكن لتصلح ابدا لعالمنا الحديث بجوه الحالى وبأمراضه وآفاته التى انتشرت وتجددت ولا بآلياته واحتياجاتنا الغذائية ولذلك تغيرت الى الأفضل.
القمح زمان كان مجرد ثلاث انواع برية قليلة الإنتاج تفرط حبوبها بسرعة والساق طويلة مثل الذرة وكان لذلك يسمي في اوروبا بالذرة. وفي لوحة بالقرن السادس عشر رسم فنان شهير حصاد الذرة وهو القمح والنباتات بطول الرجل.
درس علماء الزراعة التركيب الجيني للقمح بدقه وتعرفوا على الجينات التى تتحكم في الطول والقصر واستطاعوا بالتهجين وهو عملية علمية معقدة تستمر سنوات، ان يصلوا الى اصناف قصيرة ومتوسطة ومنتجة لسنابل لا تفرط حبوبها بسهولة وتصلح للزراعة والحصاد دون عناء.
اصنافنا القديمة لم تختفي كما تظن بل كل البذور من كل انحاء العالم توجد في بنك دولى كبير في النرويج يضم بذور كل صنف مزروع او بري في كل دول العالم ويحتفظ به تحت درجة تبريد تحفظه مئات السنين وذلك في مخبأ لا تطاله حتى القنابل النووية. وهذا خوفا من انقراض الحياة النباتية على الارض لاي سبب فيمكن استخراج هذه البذور واعادة زراعة الكرة الارضية من جديد. ايضا يمكن للباحثين طلب هذه البذور والعمل عليها بهدف التطوير او نقل جينات منها للاصناف الجديدة.
لذلك فتطوير الاصناف رغم انه يحدث طبيعيا ببطء شديد فتدخل البشر في تطويرة سريعا أمر ملح وضروري ولا يمكن الاستغناء عنه ودعك من الحديث عن الاصناف القديمة فقد اصبحت لا تصلح ولا تكفي ولا تتحمل الامراض والآفات الموجودة حاليا