صباح الجمال الميكروبي
ا. د. محمد المليجي
تجتمع على هذا الفرع الميت من الشجرة أمم غفيرة من الكائنات الحية التى يظهر منها للعين فقط الأشنات والطحالب وبعض الفطريات لتشكل بوكيه جميل من الالوان والتراكيب ، ولكن ما خفي كان اعظم.
تحت هذا المنظر الذي تراه توجد غالبا كل افراد واعضاء العائلات الميكروبية من بكتيريات وفطريات وميكوبلازما وفيروسات ونيماتودا وحشرات صغيرة.
كيف تتكالب كل هذه الامم باعداد غفيرة تقدر بالملايين على فرع شجرة وماذا به ليكون مأوى لكل هذه المخلوقات دفعة واحدة لكي تتكاثر وتنتج اجيالا متعاقبة عليه حتى يختفي تماما من الوجود ؟
في الواقع هذه قصة طويلة ولكنها تمثل صلب الحياة التى نعيشها حيث ان فرع الشجرة وهو حي كما تراه غض أخضر يتمايل مع نسمات الهواء ويحمل الاوراق والازهار والثمار، يشبه الحصن القوي المدعم بالحواجز التركيبية والكيميائية والطوبغرافيه التى تمنع كل ما تراه من النزول والاستقرار عليه ليظل قوي شجي بديع المظهر والعطاء.
ولكن يا عزيزي لا يمكن ان ان يظل هذا طويلا ولا دوام الا لوجه الله تعالي فالموت والتحلل لكل شيء حي قادم لا محاله.
ولكن كيف يبدأ التدهور اذا كانت النباتات ليست لها ارواح لتزهق فجأة وليموت النبات كموت البشر ؟
الموت في النبات يكون تدريجيا الا اذا قطعت عنه الماء او تسمم بمادة كيماوية فيموت سريعا، اما في الطبيعةفالموت يكون بالشيخوخة لانتهاء دورة حياة النبات كالاعشاب عامة او بالتحلل الذي نرا صورة منه على فرع الشجرة بالصورة.
يبدا التحلل بجرح او وخذ حشرة او كائن لديه الادوات للإختراق المباشر لبشرة النبات ليكون المعول الاول لهدم سور القلعة. بعد ذلك واثناء تغذية هذا الكائن تزداد الجروح والفتحات والافرازات الغنية بالمواد الغذائية التى يفرزها احيانا النبات دفاعا عن نفسه او نتيجة لتكسر الخلايا ، هذا يمهد الارض لكائنات اخري وهكذا تتكالب الميكروبات على هذه الوليمة واحدا بعد الآخر فيما يسمي في علم الميكروبات Succession او التتابع.
في عملية التتابع تحترم الحدود والقوانين بدقة فلا يستطيع ميكروب ان يتقدم على الآخر لان السيادة التى يفرضها كل ميكروب تنبع من اسلحته الفتاكة من مضادات حيوية ينشرها في المكان ليمنع الآخرين او سرعة في النمو واحتلال المكان او انزيمات خاصة به تفتت المواد لتكون متاحة بصور افضل للتابعين حتى يكمل دورة حياته فيصبح هو نفسه غذاء للقادم بعده.
كل هذا يؤدي في النهاية الى تحلل فرع الشجرة الذي تراه الى عناصر معدنية تدخل في تكوين وتركيب الميكروبات التى تموت هي الاخري وتسقط في التربة لتتحلل الى عناصر يمتصها نبات حديد يافع ويتكون فرع اخضر جديد يحمل اوراق وازهار وثمار بديل للفرع الميت
هذه هي دورة الحياة في الكون فلا ينقص منه شيء حتى قطرة الماء لا تنقص من الأرض وتدخل ايضا في دورة تشبه دورة العناصر المعدنية هذه.
ا. د. محمد المليجي