هذا رأيي الذي يحتمل الخطأ او الصواب والناتج من خبرتي من زيارة مصر حاليا ومن التعايش مع فيروس الكورونا في ولايتي نيويورك ونيوجرسي وهما أكثر الولايات في الوفيات والإصابات من المرض في بدايته. شاهدنا وعشنا المشكلة من بدايتها حتى نهايتها حيث انحصر المرض وأصبحت الوفيات اليومية بعدد الأصابع في ولايتين تعدادهما ٣٥ مليون نسمة اي ثلث مصر.
نجحوا في السيطرة على المرض بأسلوب حازم تم تطبيقه بكل قوة رغم ان هناك نسبة ليست بسيطة من المستهترين والمخمورين والبلطجية.
١- غلق المطاعم والأسواق غلقا تاما ما عدي خدمة تيك آوت
٢- غلق كل الاماكن السياحية والترفيهية وملاعب الأطفال والصالات الرياضية ووقف المسابقات الرياضية والسفر بالطائرات
٣- ارغام متاجر الغذاء على اتخاذ كل الاحتياطات من التباعد والتعقيم ومنع دخول او تجول اي فرد بدون كمامة لأي مكان مغلق.
٤- فحص الموظفين والعمال ومن تثبت ايجابيته يتم عزله فورا وفحص كل من رافقه او تعامل معه خلال عدة ايام سابقة.
٥- فتح اماكن متنقلة للفحص يتوجه لها كل من يشك ان لديه اعراض الإصابة بالفيروس وتهيئة مستشفيات واقسام في كل مستشفي لاستقبال المرضى فورا وتوفير اجهزة تنفس للمحتاج.
بهذه الطريقة استطاعت ولايتي نيوجرسي ونيويورك وقف المرض واحتوائه ولم تخفف هذه الشروط حتى الآن الا قليلا جدا حتى ينتهي موسم الشتاء بما لديه من احتمال عودة الإصابة.
الحالة التى أشعر بها في مصر من خلال شهر ونصف قضيتها هنا.
اولا : ليس صحيحا بالمرة أن نسبة الإصابة والوفيات في مصر أقل من امريكا وأوروبا واعتقد أنها ان لم تكن أكبر فليست اقل منهم. من مقياس بسيط اتابعه هو قريتي التى كنت اود زيارتها يتوفي منه كل يوم تقريبا واحد دون ذكر سبب الوفاة وبغض النظر عن العمر فالفيروس يحصد المسنين اولا وهذا المعدل من الوفيات غير مسبوق في تاريخ القرية. ولكن لا توجد في مصر احصائيات حقيقية لتبرر هذه الفوضي والجهل في التعامل مع المشكلة رغم خطورتها عالميا.
ثانيا : لم أشاهد أي جدية من الناس في اتباع الإرشادات التى تقدمها الدولة للناس ولا يرتدي الا القليل جدا الكمامة ولم اري التزام بالكمامة الا في حضرة الريئس السيسي ومجلس الوزراء. لذلك فالعدوى لا بد ان تكون عامة ومنتشرة بصورة كبيرة بين المجتمع.
ثالثا: الاهمال وعدم الاهتمام بتطبيق شروط الوقاية من الفيروس يبدأ من الدولة التى تنصح ولا تحاول الحزم في اتخاذ الاجراءات الصارمة وينتهي بالمتعلمين والمثقفين وعامة الناس الذين لا يلقون بالا للأمر وكما يقولون العمر واحد والرب واحد.
رابعا: الدولة تفعل فقط ما يكفي لتبرئتها امام المجتمع بأنها فعلت ما عليها ولكن في الواقع هي لا تريد ان توقف كل الانشطة لاسباب إقتصادية بحته وتقول اللى شايل قربة مخرومة تخر على دماغة فقد نصحنا وبينا واحضرنا اللقاح الصيني قبل كل الناس، ولكن الواقع يقول ان الناس يمرضون بالفيروس والبعض يشفوا والبعض يموت بعيدا عن الحكومة وبعيدا حتى عن التشخيص الصحيح لسبب مرضه.
خامسا: استغلال المختبرات الطبية واسعار التحليل والدواء يجعل الناس يحجمون على الاقبال على عمل الاختبارات التى من المفروض ان تكون مجانية او بأسعار رمزية اذا كانت صحة المواطن تهم الدولة.
الخلاصة هي أن الوباء منتشر وبشدة في البلد وان المواطنين والدولة لا يحبون مواجهة هذه الحقيقة وتوابعها الاقتصادية والسياحية. والأمر يترك على عاتق وعي المواطن فقط الذي يعيش في بيئة تذخر بمصادر الإصابة بالكوفيد ١٩ اللعين الذي يصل إليك عبر اللمس او الحديث او الفاكهة التى تاكلها دون غسلها جيدا او من مصافحة حامل للفيروس دون ان يدري لأن مناعته عالية عنك.
كل هذه الأسباب تجعلك تفكر طويلا قبل ان تزور مكان ما او تلتقي مع من تحب او حتى تذهب للسوق لشراء لوازمك لأن خطر الإصابة يحيط بك وسيصل حتما اليك ولو في بيتك وهذا ما حدث معنا للأسف وأصبحنا في عزلة تامة داخل وطن ملوث بفيروس كورونا بعد ان كنا نتحرك بحرية في بلاد أخري اكثر وباء ولكن الناس تتحرك بأمان كبير في جو يتخذ كل الاحتياطات لمنع وصول الإصابة إليك وهذا لا يتوفر في مصر. ونسأل الله السلامة لنا ولكل اهل مصر المغيبين.
ا. د. محمد المليجي