ا.د. محمد المليجي
في العيادة النباتية كنت ألتقى مع مخلوقات حية من كل نوع لا يراها المزارع ولا يراها النبات الذى تصيبه ولكنها تتعري أمامي وتظهر على حقيقتها خاصة بعد أن أستخلصها من الخلايا والأنسجة النباتية أو من حبيبات التربة وأنظفها من كل شوائب تلحق بها فتظهر متألقة بألوانها وأشكالها وثمارها ومن كثرة العامل معها أصبحت معروفة بالاسم والنسب والسلوك إلا ما ندر فتجد بعض الكائنات الغازية الجديدة تطل مصادفة فتكون مجرد عابرة سبيل أو مستوطن جديد يجب أن تنتبه له وتقوم بدراسته منفصلا.
في العيادة النباتية لا يتبقى من الحقل الا اسم المزارع مدون على كائنات دقيقة لا قبل له بها ولا تظهر حتى في التقرير الذى يأخذه بطريقة المكافحة ولا يدري أبدا ما هو المجهود المبذول ولا العلم والخبرة المطلوبة لتشخيص مشكلته فيأخذ الأمر بسهولة وقد يتجرأ ويصف هو المرض والمكافحة الى جاره، وهذا ما يجعل من لا يعلم يستسهل الزراعة ويقلل من شأن العاملين فيها.
تشخيص الأمراض والآفات في الخارج من أندر الوظائف وتكلفة تشخيص عينة واحدة لا تقل عن خمسين دولار في أي جهة معتمدة بأمريكا. والتشخيص السليم قطعا هو السبيل الى علاج المشكلة.
تركنا العيادة النباتية التي انشأتها واستمرت تعمل 30 عام والآن عسى أن تكون مازالت تعمل ولم تدخل حجرة الإنعاش بعد.