بنداري يزور مبارك في المستشفي بشرم الشيخ
بتاريخ: الأربعاء 27-04-2011 12:45 مساء
كل الأنظار تتجه الي شرم الشيخ وخاصة المستشفي الذي يرقد به مبارك والحوار الدائر الآن بين الناس والمسؤولين عن عملية نقله من المستشفي الحالي الي مستشفي السجن بطره..وسط هذا الحوار المستمر استطاع مواطن صعيدي بسيط ان يزور الرئيس السابق ويحاوره ويراه بالعين دون اي مواعيد مسبقه، إنه المواطن بنداري الذي لا يخلوا من المفاجئات رغم بساطته
التقيت بنداري هذه المرة عندما ذهبت لأطمئن عليه بعد عودته أمس من مصر وكانت لديه مفاجئة غريبه فقد زرت بنداري في حجرته وسألته عن أحوال عائلته هناك وعن أحوال مصر
قال: الولاد بخير والحمد لله والبلد بخير بس إنا قلقان قوي على بلدنا
قلت: ليه قلقان يا عم بنداري
قال: البلد ملهاش ريس يا دكتور والمركب من غير يس تغرق ومش عارفين مين اللي حاييجي بعد مبارك.. كنا اتعودنا عليه بمشاكله
قلت: حاييجي أفضل منه إن شاء الله ومصر مليانه ناس كويسين
قال: عايز اقولك حاجة يادكتور خايف اقولها لرفاقي هنا أحسن يقتلوني أو يقولوا إني مجنون لا سمح الله
قلت: خير إنشاء الله ياعم بنداري
قال: أنا زرت الريس حسني مبارك قبل ماجي بيومين في المستشفي
قلت: زرته في المنام ؟
قال: لا يادكتور انا زرته في المستشفي وشفته زي مانا شايفك كدة
لم اصدق في البداية وتصورت ان عم بنداري بيهزر لولا جديته في كلامه
قلت: كيف ذهبت لشرم الشيخ وكيف دخلت لمبارك ؟
قال: قبل ما اسافر لمصر كنت باسمع عن الثورة والشباب اللي بيصقف ويغني في ميدان التحريرواللى ناموا في الميدان وفي كل فسحة في مصر لحد ما مبارك ورجالته يرحلوا.. واللي فجأة رحلوا و دخلو السجن كمان.. الكلام دهم مكنش داخل دماغي
معقول الناس دي اللي قعدوا على حلقنا تلاتين سنه سابونا بالبساطة دي.. ومبارك اللى كان زي الجبل يتهد كده بغني وتهليل العيال ؟ دا حنا زمرنا وطبلنا ورقصنا كمان سنين وسنين وما عملناش حاجة ؟
قلت: ربك أراد خير للثورة ولمصر وفعلا شبابنا وكبارنا معاهم حققوا الحلم الكبير
قال: المهم أنا ما كنتش مصدق الكلام ده وبقول انها لعبة زي اللعب التي مرت علينا كتير منهم..ولما سافرت مصر الأسبوع اللي فات كنت رايح أشوف أم العيال عشان كانت بعافية شوية وكنت طلبت من محمد ابني المجند يقابلني في البلد
لكن محمد مقدرش ييجي من شرم الشيخ لأنه ممنوع ياخد أجازة في الظروف دي
قلت مش ممكن أسافر من غير ما شوفه.
سافرت له شرم الشيخ ورحت له لقيته واقف مع حراس المستشفي اللي فيها مبارك ولقيت هناك ناس كتير بيهتفوا ويهللوا ..اللي بيشتم في مبارك ويقول إعدموه.. واللي شايل في ايديه ورد وبيقول رجعوه وكرموه
سلمت على إبني ووقفت أتأمل في الخلق الواقف على الجنبين.. وقلت لنفسي الناس د ي الناس دي بتتعارك على إيه ؟ ومين الصح ومين الغلط ؟
قلت لإبني هو صحيح مبارك نايم فوق في المستشفي دي
قال: ايوه يابوي
قلت: ممكن أشوف الريس مبارك ؟
ضحك ابني وقال: لأ يا بوي .. مفيش حد يقدر يقرب منه
لمحت ظابط كبير واقف بعيد شوية رحت له وقلت له والدموع في عينيه
انا جاي من خارج مصر وركبت البحر يومين علشان أشوف الريس واسلم عليه
أنا عمري ما شفته الا في التصاوير والتلفزيون لكن واجب برضه لما يكون عيان الناس تطل عليه؟
نظر لي الضابط الكبير بشفقة شديدة.. وقال إنتظر ياحاج شويه هناك وهات بطاقتك ودخل جوه وعاد بعد ساعة وشاور لي اروح له
دخلت معاه وقال لي حا تسلم على الريس في دقيقة واحدة وتخرج ولا تتكلم معه ..فاهم يا بنداري ؟
قلت: فاهم يا باشا الله يكرمك…
بعدها فتشني الحراس زين قوي ودخلوني على أوده واسعة قوي ما شفتش زيها معمولة بالرخام وفي وسطها سرير أبيض كبير نايم عليه الريس.. وحاجات كتيره من بتاعت الطب دي متعلقة حواليه وشعره اللى طول عمره أسود بقي ابيض ..حتي حواجبه بيضه.. الراجل شاب في شهرين يا ولداه ؟
وقفت متكتف ومذهول من المنظر. وقلت من بعيد السلام عليكم يا ريس
نظر لي الريس وقال بصوت ضعيف ومتقطع عليكم السلام
قرب يا بنداري..
قربت منه شوية وقلت: سلامتك يا ريس…ربنا يقومك بالسلامة
قال مبارك: شكرا يا بنداري ..إنت منين يا بنداري
قلت: أنا من قنا ياريس… يعني بلد صغير كده جنب قنا
قال: عاجبك اللي حصل يا بنداري
سكرت خشمي زي الظابط الكبير ما أمرني ومرديتش على الريس لكن عيوني كانت بتتكلم
كرر الريس سؤاله: شفت عيالنا عملوا فينا إيه؟
قلت: والله يا ريس مش عارف أقولك إيه ربنا يصلح الأحوال
قال: ربنا كبير ومتشكر على زيارتك يا بنداري
وقفت أمام سرير الريس شوية كده مش عارف أعمل إيه بس كنت عايز أقوله كلام كتير خالص كل الناس البسيطة زيي بتقوله
عايزاقوله: إنت تقصد عيالنا والا عيالك اللي عملوا فيك كده؟
و ليه عملت في نفسك وفينا كده ياريس.؟
وليه خليت العالم يشمت فينا؟
ولو اللي بيقولوه صحيح إنت حاتعمل إيه دلوقتي بالفلوس اللى إنت واولادك سرقتوها من الشعب؟
ولو الشعب ما حسباكش كنت حاتعمل إيه مع ربنا في حساب الآخرة ؟
قلت له كمان: ليه خليت بنداري وحسنين وفرجاني وإبراهيم وغيرهم وغيرهم يسيبوا بلدهم ويسيبوا نسوانهم وولادهم ويروحوا لبلاد ما بترحمش ويقضوا نص عمرهم محشورين في أوده وأنت وأولادك عندكم بدل القصر عشرة ومش عارفين تناموا فين واللا فين..ولاتودوا تلال الفلوس فين؟
ليه ياريس سبت ولاد بلدك اللى كبروك وريسوك سبتهم يغرقوا في البحرين الأحمر والأبيض علشان لقمة العيش ؟ وإنت ولا على بالك ؟
ليه في التلاتين سنة اللي فاتت مامريتش مرة على طوابير العيش اللي واقفه من الفجر والناس وصعبوا عليك؟
ليه ياريس ما سبتش الحكم بدري شوية واكتفيت بما رزقك الله ورحمتنا ورحمت نفسك من كل ده؟
ليه سبت الست والعيال يحكموا فينا ويبهدلونا.. مش عيب كده برضه ؟
قعدت اقول ليه وليه..وأنا واقف قدام الجبل بتاع زمان وهو متمدد على سريره ضعيف وخايف من الي جاي لحد ما الظابط الكبير سحبني من دراعي وقال..خلاص يا بنداري الزيارة إنتهت
خرجت حزين على الراجل واللي جراله وبرضه فرحان إن ولادنا قاموا باللى إحنا ما قدرناش نعمله وزي ما بيقول ربنا ” يمهل ولا يهمل” بس برضه الواحد منا مهما كان جامد … ساعات بيصعب عليه ومبيقدرش يمسك نفسه
عشان كده بكيت وأنا خارج من عند مبارك بس داريت دمعتي من إبني أحسن يقول إن أبوه ضد الثورة .. حاكم الشباب ده ساعات بيفهمونا غلط.
ده اللي حصل معيا يادكتور وأنا ما فتحتش خاشمي لحد قبلك بالزيارة دي لأنهم حرجوا عليا الكلام بعد الخروج من الزيارة لأي حد في بر مصر وأنا وافقت.
قلت: حمد الله على السلامة يا عم بنداري أنت الآن تقدر تتكلم في مصر وبرا مصر زي مانتا عايز طالما أن كلامك صحيح .. و زيارتك لمبارك وزعلك عليه مش عيب وكلنا كنا نحب إن الراجل ده ينهي حياته بصورة أفضل وأكرم ..لكن هذا كان اختياره.