الرئيسية / مجرد رأي / مساء الخير من نيويورك

مساء الخير من نيويورك

عجيبة تلك المدينة المسماة نيويورك التى زرتها عشرات المرات ولم أتعود عليها بعد وكلما سرت فيها سواء بالسيارة او مترجلا أكون غير مطمئنا ويمتلكنى شعور فيها بالغربة رغم ان كل من حولك غرباء من الصين والهند والمكسيك وإفريقيا ونادرا ما تري أمريكي أبيض إلا مديرا لمطعم فخم او فندقا مشهورا .
تشعر وانت تسير بين ناطحات السحاب فيها بأنك صغير جدا فهى مدينة بناها البشر لتحتقر كل البشر. لا تشعر فيها بذرة من الإنسانية فكل من حولك مطحونين يلهثون ويعملون ليل نهار او يبحثون عن العمل. يرتدي الناس ملابس عادية بل اقل من العادية او لا يلبسون الا اليسير من الملابس ولكن الشيء الوحيد المتاح لهم والذي لم يكن متيسرا لهم هو الحرية التى وجدوها فى نيويورك

تري أمامك الحرية ماثلة فى ان تحب من تشاء وتنتقد من تشاء ولكنها ليست حرية مطلقة بل مقيدة بالقوانين الصارمة والعقاب الناجع لمن يخالف ما اتفق عليه الشعب ونص عليه الدستور.
جلست مع صديق نتبادل الحديث بينما كانت زوجتي تتمشي مع زوجته على ضفة النهر وكان امامي هذا المشهد المهيب لمدينة نيويورك وقت الغروب وكنت أتأمل هذه المباني الشاهقة وظهر على البعد ذلك البرج الذي بني مكان الأبراج التى حطمت فى الحادي عشر من سبتمبر ليقول للعالم انا نيويورك لا تهزم وإن أخفقت. تأملت فى هذه المباني ومن يملكها ومن يديرها وتذكرت ان تسعون فى المائة من ذهب العالم يخزن تحت هذه المباني. تذكرت أيضا المافيا وآل كابوني وغيرهم من العصابات التى كانت تدير هذه المدينة. وتذكرت ايضا شارع الألماس ومحلاته الرهيبة التى يملكه ويديرها اليهود فقط.

برج التجارة الجديد ( جراوند زيرو) الذى حل مكان البرجين المدمرين فى 11 سبتمبر 2001
هذه المدينة تحكم العالم ولا يدخلها حتى من رؤساء البلاد إلا من ترضي عنه أمريكا وكأنها الجنة وفيها الامم المتحدة ومجلس الأمن الذي تشكل قراراته مصير العالم. وفى نفس الوقت تذخر نيويورك بالمتاحف والحدائق والجامعات والمصانع ولكن الانسان فيها مطحون والاحياء السكنية تتفاوت فى الثراء والبؤس.

تركت المشهد الجميل على صفحة النهر ودخلت لحي ليس ببعيد عن هذه الصروح الضخمة من المباني ومظاهر الثراء والقوة بحثا عن فنجان قهوة فى حي يسكن غالبيته مكسيكان مهاجرون كان فى طريق عودتنا وشعرت أننى فى طنطا او حي السيدة زينب حيث يجلس بعض الناس فى الشوارع فى الليل وتعرض المحلات ملابس بسعر متدني للغاية وتري الناس سكاري وما هم بسكارى من العناء اليومي فى العمل والمحلات عامة بائسة وصغيرة تبحث عن زبائن او معروضة للبيع كما فى الصورة وتشعر ان هناك فرق بين ظاهر نيويورك وباطنها وان هذا الثراء الذي تراه بنى على بؤس المطحونين من المهاجرين من كل القارات والذين يبحثون عن لقمة العيش وحرية الحياة المفتقدة فى بلادهم.

 

عن admin

اقرأ ايضاً

Seniors citizens

خواطر مسن

عندما نكبر في العمر نصبح أشخاصا مختلفين، تهدأ فينا الغرائز ويبقي العقل وتتأصل الحكمة، وتبطأ …

Leave a Reply