الرئيسية / أخبار زراعية / قصة أمراض الصدأ فى القمح قديما وحديثا

قصة أمراض الصدأ فى القمح قديما وحديثا

هناك أمراض قديمة جدا تصيب الحبوب منذ الأزل وذكرت في الكتب السماوية وما قبل الوحي في كتب الفلاسفة اليونانيين دون التفاصيل التي نعرفها الآن عنها وهي امراض الصدأ والتفحم.

كانت الأصداء تضرب القمح والشعير وهي من النباتات التى جمعها الإنسان الأول واستأنسها وأكتشفها المصريين على ضفاف النيل والصينيين الذين يعيشون فى أرض انهار خصبة وكذلك الأقوام التي كانت تعيش على ضفاف دجلة بالعراق وعلموا أنه يمكن زراعة الحبوب في مساحات متسعة وحصادها ليعيشوا عليها كغذاء وسميت فيما بعد بالحقول والمزارع.

انتشرت زراعة الحبوب على ضفاف الأنهار لدي الشعوب المتقدمة فى الزراعة وعلى رأسها مصر. وأنتشرت معها أيضا الأمراض التي وجدت حقولا ممتلأة بالخير فعاشت عليها مسببات الأمراض الميكروبية الموجودة مع النباتات منذ فجر الخليقة.

ولكن لأن الأمراض لا تنتشر الا اذا توفرت لها ظروف مناسبة فقد كانت أمراض الصدأ تظهر بعض سنين وتختفى بعض سنين أخري والناس لا تدرك السبب فى جفاف سنابلهم وفساد حصادهم أعواما دون أخري.

لجأ الناس إلى الآلهة والأصنام وشاعت بين الناس قصص كثيرة عن أسباب ظهور اللون الأحمر والبرتقالي والأصفر في حقول القمح لينذرهم بحريق يدمر محاصيلهم وكانت هذه الألون تشير الى نوع الصدأ الذى يصيب محاصيل القمح والشعير وهم لا يعلمون فيتحول الحقل الى هشيم.

قرراليونانيون قبل الميلاد بمئات السنين صنع إله للصدأ سموه روبيجو ليعبدوه ويطلبوا منه أن يغفر لهم ذننب الثعلب المسكين الذى أشعل في ذيله مزارع النار فظل يجري فى حقول القمح مشتعلا وأحرق القمح وظلت خطيئته تصيب القمح بين عام وعام كما تقول الفرية.

وفي سورة يوسف عليه السلام ذكر لسبع سنين عجاف قادمة كانت بسبب امراض الصدا والتفحمات التى كانت تصيب القمح والشعير حينها والله اعلم

القمح والشعير والذرة وكل محاصيل الحبوب تصاب بالأصداء وكذلك العشرات من النباتات الأخري والتى سنتحدث عنها لاحقا بإذن الله وخاصة محاصيل البقول والخضر والزينة.

يصاب القمح خاصة وهذا ما يهمنا اليوم بثلاث أنواع من أمراض الصدأ الذين تمت دراستهم بعمق كبير لقدم إكتشافهم ولأهميتهم الإقتصادية.

الأصداء الثلاثة هم صدأ الساق Puccinia graminis f. sp. tritici, ( والمعروف بالصدأالأسود) وصدأ الورقة Puccinia triticina (المعروف أيضا باسم الصدا البني أو الصدا البرتقالي) والصدأ الأصفر Puccinia striiformis f. sp. tritici ( والمعروف أيضا بالصدأ المخطط). لكل نوع من الصدأ مظاهر وأعراض لا تخفي أبدا على متخصص فى أمراض النبات لأن الفروق بينهم واضحة للغاية.

الذي يحدد نوع الصدأ الذي يصيب القمح عدة عوامل:

1- قابلية الصنف للإصابة فالأصناف التى زرعت بها جينات المقاومة للمرض بالتهجين هي التى تقاوم المرض تحت أي الظروف إلا إذا ظهرت سلالة صدأ جديدة وكسرت المقاومة التى زرعها علماء الزراعة والتهجين فى الصنف وهذا نادر ولكنه يحدث، لذلك كمبدأ ابحث عن صنف قمح مقاوم للصدأ المنتشر فى منطقتك واشتري التقاوي من جهة مسئولة وعلمية مهما كان الثمن فهذا اوفر لك من رش المبيدات.
2- العامل الثاني المهم هو الظروف الجوية حيث يحتاج انتشار أي من هذه الأصداء إلى ظروف بيئية معينه ولو كانت متوفرة أو تتنبأ الأرصاد بحدوثها ولديك صنف غير ممقاوم أو لا تعرف مدي مقاومته للصدأ الأصفر مثلا فلا بد من أن ترش مبيدات قبل حلول الظروف البيئية لأنه لوبدأ المرض لن تلحق به لسرعة إنتشاره.
3- العامل الثالث يرجع إليك أنت وهو التبكير فى الزراعة فيصادف المحصول الجو البارد مع الأمطار والمناسب لإنبات جراثيم الصدأ الأصفر مثلا وكذلك التسميد النيتروجيني الزائد الذى يجعل أوراق القمح أكثر قابلية للإصابة.
ولكن من أين تأتي جراثيم الصدأ بكل أنواعها ؟

مصادر الإصابة عديدة أهمها الهواء الذى يحملها عبر المحيطات ومن قارات بعيدة ومن دول مجاورة ومن حقلك أنت أو جارك أو من حشائش الحبوب التي على جوانب الطرق والتى تحمي جراثيم الصدأ أثناء الشتاء، بل وقد وجدت زوجتي فى رسالتها للدتوراه بجامعة كانساس أن جراثيم صدأ الورقة فى القمح تستطيع البيات الشتوي على بقايا القمح المدفونة فى التربة تحت الثلج فما بالك ببلادنا. هذا البحث منشور فى مجلة أمراض النبات الأمريكية وفى الميكولوجيا.

ما هي الأعراض التي تفرق بين الأصداء الثلاثة بحيث لا يمكن الخلط بينهم ؟

اقرأ الوصف وأنظر للصور وقارن لتعرف بنفسك

أولا : صدأ الساق الأسود فى القمح وهو نادر الآن بسبب امكانية انتاج أصناف قمح شديدة المقاومة له ولكن لو استخدمت أصناف محلية كما حدث معنا فى السعودية حين زرعت على سبيل التجربة أصناف قديمة كمعية وصامة وغيرها ظهر المرض عليها كأنه قادم من العصور الوسطي. العرض المميز للمرض دون تفاصيل هو البثرات الخشنة السوداء على الساق وانكسار السيقان فى طور متأخر من المرض. هذا المرض يصيب القمح فى كل الأعمار على درجة حرارة 15- 30 م

ثانيا :صدأ الورقة وهو موجود بنسبة محددة وينتشر بشدة فى ظروف بيئية محددة وعند الإسهاب فى التسميد الأزوتي ويظهر كبثرات بنية صدأية أو برتقالية فى البداية تنتشر على الأوراق وأغمادها.يصيب هذا المرض القمح على درجة 20-30 م

ثالثا: الصدأ الأصفر وهو لا يوجد الا فى درجات حرارة منخفضة وهذا المرض بالذات لا توجد له أصناف مقاومة كثيرة لأن البحوث عليه قليلة وتمويلها قليل لموسميته وعدم أهميته فى البلاد التي تمول البحوث العلمية الجادة. المرض يظهر فى شكل بثرات صفراء لامعة فى خطوط وإذا لمستها بإصبعك لا تخرج عليه جراثيم الصدأين السابقين. يصيب المرض القمح على درجات حرارة 9-24 م

كل جراثيم الأصداء فى القمح تحتاج ماء حر لتنبت سواء ماء الأمطار أو الندي ولذلك للذين يرون بالرش من أعلى أنصحهم بالري فى المساء وكذلك الري السطحي لكي يأتي النهار ويجفف الأوراق ولا تفلح الجراثيم فى الإنبات حيث تحتاج الجرثومة عدة ساعات من الماء الحر لتنبت

إنتبه جيدا:

دورة حياة فطر الصدأ تكتمل خلال أسبوع تقريبا أي عندما تنبت جرثومة وتدخل نسيج النبات تخرج على جسد النبات بثرة بكل منه آلاف الجراثيم وكل هذا يسحب من غذاء النبات ومن غذاء الحبة فلا تنتج حبوب ان طال المرض أو تنتج حبوب ضامرة ضعيفة شبه جافة فى حالة الإصابة المتأخرة فلا تنتظر كثير لرش المبيدات عندما تري أي علامات للمرض أو قبل حدوث المرض.

كيف نكافح أمراض الصدأ عامة فى حقولنا

أولا وأولا وأولا: إبحث عن أصناف مقاومة ولا تنخدع بالإعلانات التجارية واقرأ وتحقق من جهة كوزارة الزراعة وأقسام القمح ولا تعتمد على الجامعات المصرية فى ذلك فهم ليسوا فى الحقول مثل مراكز البحوث الزراعية وخاصة اقسام الحبوب والقطن لقدمهم وأصالتهم فى البحوث الحقلية.

ثانيا: تخلص من الحشائش من وحول حقلك

ثالثا: ابدأ الرش الوقائي وكرر الرش بمبيدات مختلفة للصدأ كل ثلاث أسابيع طالما الظروف مواتية لحدوث المرض وخاصة الصدأ الأصفر.

Mohamed#Elmeleigi

عن Mohamed El Meleigi

Professor of Plant Pathology and Microbiology Worked at University Alexandria Egypt, North Dakota State University, University of Kentucky, Kansas State University, king Saud University, Qassim University

اقرأ ايضاً

برنامج تسميد البرتقال في كاليفورنيا

تسميد أشجار البرتقال في كاليفورنيا يعتمد على عدة عوامل مثل عمر الشجرة، نوع التربة، والمناخ …

Leave a Reply