ظلت حلقات نمو حشائش السافانا بناميبيا بجنوب افريقيا المسماة بحلقات الجن سر حير الناس والعلماء لمئات السنين. لم يكن يعرف احد سر وجود حلقات فارغة حولها نمو حشائش السفانا وتضيق او تتسع الحلقات وتترعرع الحشائش على حواف الحلقات ثم تختفي.
هذه الحلقات توجد في حوالى ١١٠٠ كيلومتر مربع في صحراء قد لا تمطر فيها السماء لعشر سنوات متصلة او اكثر ولا يعرف احد كيف تعيش هذه النباتات في حلقات بدون ماء ولماذا تنموا بهذه الطريقة.
كانت هناك نظريات عديدة منها ما يقول ان هذه المناطق الجرداء مكان رقاد وتمرغ الحيوانات البرية التى تمر بالمنطقة وتفرز احسمها مواد تمنع نمو السافانا والبعض يعتقد بوجود فطريات تمنع نمو النباتات في هذه الحلقات والبعض يفسرها بالجن والعفاريت.
ظلت هذه الافكار منتشرة دون يقين حتى رابط فيها عدد من الباحثين واستخدموا برامج كومبيوتر حديثة وحسابات امتدت لما ئتي عام من المراقبات المسجلة لهذه الحلقات وخرجوا بنتيجة لم يستطيع أحد الاختلاف معها ونشرت نتائجهم في مجلة علمية شهيرة.
ثبت أن هذه الحلقات الجرداء هي اماكن مستعمرات لنمل يسمي نمل الرمال وهذا النمل يقيم مستعمراته دون ان يدخل في صراعات مع القبائل الاخري المجاورة من النمل ويعيش في مستعمرة يتفق حجمها مع قطر الدائرة الجرداء. ويترك النمل مساحة بينه وبين جيرانه وأثناء تكاثر ومعيشة النمل تتولد كميات من الماء في شكل بخار تعيش عليه جذور نباتات السافانا التى تعيش على حافة هذه الحلقات وتموت بموت المستعمرات. بينما تنموا السافانا بطريقة عادية حول هذه الحلقات اذا توفر بعض ماء المطر ولكنها لا تستطيع ان تنموا في داخل المستعمرات حتى ولو توفر الماء لان النمل يتغذي على الجذور اينما وجدها ويفرز مواد مثبطة للنمو في مملكته.
وجد ان مستعمرة النمل الواحدة قد تعيش ٢٠٠ عام وقد تموت خلال عشر سنوات، هذا بالطبع يرجع الى ظروف المستعمرة وتفشي الامراض بها احيانا. ولكن حياة السافانا في عدم وجود المطر ترتبط بحياة النمل.
ا. د. محمد المليجي