بعد مرور شهر على وفاة راوية اختارت الدار سيدة من المتقدمين للعيش في الدار بالمجان لتسكن فى حجرة راوية الشاغرة. وفى صباح أحد الأيام وبينما كانت رشيدة وكريمة يجلسن فى مكانهن المعتاد لتناول الإفطار مرت أمام رشيدة وخلف كريمة نزيلة جديدة تتحرك على مقعد كهربائي وتدل ملامح وجهها وحركة يدها اليسرى شبه المشلولة أنها تعرضت إلى جلطة.
كانت النزيلة الجديدة رغم مرضها وعجزها عن الحركة تضع الكثير من المساحيق على وجهها وترتدي باروكة شعر ذهبية اللون لا تتناسب مع عمرها وحالتها الصحية. كانت السيدة تتجول بمقعدها الكهربائي تبحث وهي متأففة عن مكان يناسبها للإفطار وسط نظرات الجميع الذين يستطلعون هذه الضيفة الجديدة التي يبدوا أنها تحتفظ بقدر كبير من الكبرياء.
أخيرا جلست هذه السيدة على طاولة وحدها وتلفتت حولها تبحث عمن يساعدها في إحضار الإفطار. لم يمر عليها أحد ليقدم لها الإفطار ومن الواضح أنها لا تعرف نظام الدار بعد حيث يجب أن تتحرك بمقعدها الكهربائي نحو البوفيه وهناك تختار ما تريد وتضعه على صينية وتعود بها الى طاولتها أو تطلب من أحد العاملات توصيله لطاولتها.
شاهدت رشيدة الموقف فنهضت من مقعدها واتجهت الى حيث تجلس الضيفة الجديدة وعرفتها باسمها وعرفت منها أن اسمها “نوال” وأفهمتها نظام تناول الوجبات فى الدار فشكرتها نوال وتحركت نحو البوفيه كما نصحتها رشيدة لاختيار ما تحب أن تأكله.
بعد انتهاء الإفطار وجدت رشيدة السيدة نوال تتحرك بمقعدها نحوها وهي في طريقها إلى حجرتها وتلوح إليها من بعيد وهي تقول:
– شكرا يا مدام رشيدة.
سمعت كريمة صوت نوال والتفتت بسرعة لتشاهدها وهي تبتعد وقد انتابها شعور بأنها رأت هذا الوجه من قبل وحاولت التدقيق في ملامحها ولكنها ابتعدت بسرعة.
سألت كريمة رشيدة:
– هل تعرفين من هذه السيدة؟
قالت رشيدة:
– لا أعرف شيئا عنها الا أن اسمها نوال.
انتفضت كريمة من مقعدها واقفة ثم قالت:
– أرجوا ألا تكون نوال الدرديري !
قالت رشيدة:
– ومن تكون نوال الدرديري التى تتحدثين عنها يا كريمة!.
صمتت كريمة قليلا ثم جلست مرة أخري وقد علت الدهشة ملامح وجهها وهي تقول … دي تبقى مصيبة .. دي تبقى مصيبة ..هل يمكن هذا !!!! …
دهشت رشيدة من تصرف كريمة قليلة الكلام التى ثارت فجأة عندما سمعت صوت القادمة الجديدة نوال وقالت لها متعجبة:
– ماذا جري يا كريمة وما هي المصيبة التى تتكلمين عنها؟
قالت كريمة:
– هذه ستكون فعلا مصيبة حقيقيه لو كانت هذه نوال التى أعرفها
قالت رشيدة:
-من فضلك أفصحي لى الأمر فقد شغلتيني ..هل تعرفي هذه السيدة من قبل؟.
قالت كريمة:
– من فضلك يا رشيدة اطلبي المشرفة واعرفي اسم هذه السيدة بالكامل وسأقول لك القصة ويا رب أكون غلطانة.
قالت رشيدة:
-ولماذا لا تطلبيها أنت؟
قالت كريمة:
– أرجوك يا رشيدة اطلبي المشرفة أنت لأن أعصابي ليست مضبوطة وأنت تعرفين حالى عندما أتوتر.
أخرجت رشيدة تليفونها من حقيبتها وطلبت المشرفة لتستفسر عن اسم النزيلة الجديدة وسمعت الرد ثم أغلقت التليفون بينما كريمة يكاد يقتلها الانتظار وهي تحملق فى وجه رشيدة.
قالت كريمة:
– إسمها إيه يا رشيدة؟
قالت رشيدة:
– اسمها نوال محمود ابراهيم الدرديري
لطمت كريمة خديها واعترت وجهها معالم الصدمة وتجمدت أوصالها والتصقت بمقعدها لدقائق لا تسمع نداء رشيدة وهي تقول لها:
– جرالك ايه يا كريمة …جرالك إيه يا كريمة.
أفاقت كريمة من صدمتها ببطء وقالت:
– إنها فعلا نوال الدرديري سكرتيرة زوجي التي خطفته مني واستولت عليه وعلى أمواله وشركاته وخربت بيتي.
قالت رشيدة:
– ماذا تقولين يا كريمة فلم أسمع منك هذا الكلام من قبل.
قالت كريمة:
– ماذا تريدين منى أن اقول لكي يا رشيدة هانم؟
هل يمكن أن أقول لكي أنى كنت زوجة فاشلة أو زوجة قبيحة استطاعت سكرتيرة زوجها تأخذ زوجها منها؟