كنا نتجول على اطراف الغابة وكانت الاشجار الشاهقة الإرتفاع تبدوا كمخلوقات عجيبة لبعض رفاقى فهى تجذب نظرهم اكثر من تلك النباتات العشبية التى تنمو تحت اقدامهم وسألنى احد الرفاق كيف لهذه الأشجار الضخمة ان تقف ضد الرياح العاتية وكيف تحصل على غذائها من الصخور لتبنى هذه الاجسام المهيبة. سألتنى زوجة صديقى ايضا كيف يصل الماء من الارض الى هذه الارتفاعات الكبيرة.
كلها اسئلة تدور فى فكر كل من ليس له علاقة بالزراعة والنباتات ولا يجد لها اجابة ومن الصعب ان تشرح له الاجابة كما حصلت عليها ودرستها لطلابك في مقررات دراسية كاملة تجيب عن هذه الاسئلة ولذلك نزعت من الأرض نبات عشبي بما حول جذوره من تربه وشرحت لهم الاجابة عن اسئلتهم بصورة مبسطة.
عندما نري نبات ينمو على سطح الأرض لا بد ان نعرف ان ما خفى من النبات تحت الأرض يساوي تقريبا ما تراه فوق سطح التربة وهو المجموع الجذري Root System وكلما كان النبات كبيرا كلما كان المجموع الجذري كبير.
والجذور من حيث الشكل انواع حسب النباتات فإذا كان النبات كالاشجار ينمو لإرتفاعات كبيرة فلابد ان يكون له جذور تثبته فى الأرض وتتعمق كثيرا فى التربة وتسمي هذه بالجذور الوتدية فهى كالوتد بالفعل اما اذا كان نبات عشبي او لا يرتفع كثيرا عن سطح التربة فلا يحتاج للاوتاد العميقة ويكون جذور ليفية عديدة وتكون رفيعة كجذور القمح والذرة. النباتات الصغيرة ذات الشكل الشجري تكون ايضا جذورا وتدية كالقطن والحمص والطماطم والفلفل.
الوظائف الاساسية للجذور هى الامتصاص والتثبيت والامتصاص عملية فسيولوجية بحتة ترتبط بالضغط الاسموزي للخلايا وتقوم به فقط الشعيرات الجذرية التى تعتبر ادق تراكيب الجذر والتى لا ترى الا تحت المجهر لان سمكها خلية واحدة. لذلك فكل الجذور الصخمة التى تراها بالعين تنتهى بتركيب لا تراه العين وهو الذي يقوم بكل وظائف الامتصاص للماء والمعادن اللازمة لتغذية النباتات.
الجذور تتنفس وتحتاج الاكسجين الذي يصلها ذائبا مع الماء ولا تحتاج الضوء وتتحرك الجذور بعيدا عن الضوء وفى اتجاه الجاذبية الارضية والماء ويسمى ذلك بالانتحاء المائى والانتحاء الارضى. وتتعلق الكائنات الدقيقة بالجذور بحثا عن الغذاء والماء حيث ان الجذور نفسها تفرز مواد غذائية تطعم به البكتيريا التى تتكاثر بكثافة حولها وتحلل للجذور السماد العضوي وتقدمه لها فى المقابل.
كذلك تعشش فى معظم الجذور انواع معينة من الفطريات تسمى فطريات الميكورهيزا تحمى اطراف الجذور من الاعداء وتمد الجذور بالمعادن ايضا مقابل اطعامها بالكربوهيدرات والفيتامينات لتعيش وتتكاثر.
للجذور مناطق محرمة تسير فيها بحيث لا تستطيع ان تخترقها غالبية الكائنات تسمي منطقة الريزوسفير اي منطقة محيط الجذر وهى طبقة من الكائنات الحية الدقيقة النافعة للجذر تعيش ملتصقة تقريبا بالجذر.
بعض الكائنات الممرضة من الفطريات والنيماتودا تستطيع اختراق جدران هذه القلعة اذا ضعفت مناعة الجذر او جرحت انسجته ميكانيكيا فتحدث امراض فى الجذور.
تشريح الجذر فى ذاته معجزة من معجزات الله فى خلقه حيث تختص خلايا محددة بالامتصاص وهى الشعيرات الجذرية وتضخ الماء والمعادن نحو نسيج خاص يسمى نسيج الخشب Xylem وهو عبارة عن اوعية مستطيله تمتد من الجذور الى اعلى نقطة فى الساق كانابيب شعرية.
يرتفع الماء فى هذه الانابيب الدقيقة للخشب فى الجذر ضد الجاذبية الارضية بأربع قوي متعاونة وهى:
١- الضغط الجذري ويرجع الى الضغط الاسموزي حيث يندفع الماء من الوسط الخارجي الى الجذر بسبب ارتفاع ملوحة العصير النباتي عن الوسط المحيط.
٢- النتح من الاوراق والذي يسبب فقد الماء فيتم تعويضه من النبات بسحب الماء لأعلى
٣- قوة التلاصق بين جزيئات الماء حيث ان الماء جزيء قطبي له طرف سالب وطرف موجب كالمغناطيس ولذلك تري قطرات الماء كالكرة نتيجة التلاصق القطبي بينها
٤- الخاصية الشعرية حيث ان الانابيب الدقيقة يرتفع فيها الماء نتيجة الانجذاب والتلاصق مع جدران الانبوبة فيزيائيا
هناك جذور اخري لها وظائف مختلفة غير الامتصاص والتثبيت وهى الجذور العرضية التى تنشا على السيقان وتكون ايضا للتثبيت كما فى الذرة والقصب وجذور عرضية هوائية وتكون للتنفس وامتصاص الاكسجين كما فى نباتات ابن سينا والتين البنغالى وجذور لتخزين الغذاء كجذور البطاطا الحلوة وغيرها.
ا. د. محمد المليجي